® أثر العولمة على سق العمل ®

® أثر العولمة على سق العمل ®

عند تعرضنا لموضوع العولمة تحدثنا عن الشركات متعددة الجنسيات، والشركات العابرة، وقدمنا تعريفاً لكل منهما، كما تحدثنا عن معايير الجودة العالمية ISO 9000 والتي وضعتها المنظمة الدولية للمواصفات القياسية بجنيف في عام 1987 واتفقت عليها دول المجموعة الأوربية بشكل خاص والدول الصناعية بشكل عام على توحيدها لكافة المنتجات الكهربائية والغذائية – كما ذكرنا في تعرضنا المختصر لهذا الموضوع – وقد طبقت هذه المواصفات فوراً في 50 دولة من بينها دول المجموعة الأوربية آنذاك (12 دولة)، ودول الجمعية الأوربية للتجارة الحرة FFTA (6 دول) واليابان والولايات المتحدة وغيرها، وتضم سلسلة مواصفات الأيزو وخمس وثائق ثلاث منها عن جوهر نظام الجودة ومستوي أداء نظام الشركة ككل كنماذج لتأكيد الجودة تهيئها الشركة أو المنظمة الحكومية ضمن هذا النظام بما يؤكد أنها – كمورد – لديها مقومات تقديم منتج جيد للعميل. وتعد مواصفات إدارة الجودة المعروفة بأيزو 9000 أحد المؤشرات على عولمة حول العالم تسعي لأن تزاول أنشطتها/ أو تكتسب سمعة وشهرة كمتبنية لمدخل عالمي للجودة الشاملة"[1].



وبربط بسيط نستطيع أن نخرج بما يعنينا في الأمر وهو أثر العولمة على سوق العمل فالأهداف ما بين الشركات متعددة الجنسيات، والشركات العابرة وطموحاتها الجبارة وبين مواصفات الجودة تتجه نحو منتج جيد والذي يساوي في نهاية الأمر عمال مهرة ذو خبرة وإتقان سواء في داخل وطن تلك الشركات أو في مواقعها الخارجية والحرص على ذلك من الأمور والأهداف الأولية الهامة بالنسبة لتلك الشركات نتيجة الزيادة في حركة التجارة والاستثمارات العالمية والتي يمكن إيجازها فيما يلي:

1- تزايد حجم الصادرات عبر العالم حتى لقد أصبحت تمثل 35% من إجمالي الناتج القومي العالمي World Wide gross national Product بعد أن كانت 12% في عام 1962.



2- تزايد حركة الاستثمارات الخارجية. فمثلاً أقام اليابانيون واشتروا عديداً من المصانع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، وذلك ليزرعوا مصانعهم في البلاد التي تضم أسواقهم، والأسباب متعددة أهمها:

‌أ- لتجنب قيود قد تضعها هذه الدول على الصادرات إليها.

‌ب- لاحتواء المشاعر السلبية لعملاء يرون أن "هذه المنتجات لم تصنع في بلادنا".



‌ج- لتجنب تكلفة استطالة فترة تسليم المنتجات للعملاء، وتكلفة النقل فيما لو كان المصنع في اليابان أي بعيداً عن السوق.

‌د- لتجنب الآثار السلبية لتقلبات سعر العملة، والذي يغير أسعار السلع الأجنبية فترفعها، ولا ترفع أسعار السلع المنتجة محلياً – في الداخل - .

‌ه- لتجنب أي رسوم أو قيود حصص قد تفرض على الواردات مستقبلاً.

‌و- تزايد الاتجاه الاستراتيجي لشركات يابانية متعددة للتحالف مع شركات أمريكية لتعزيز القدرة التنافسية للشركات المتحالفة إزاء منافساتها الأخريات.



3- انفتاح النظم المالية العالمية، مثل إلغاء أسعار الفائدة في كثير من دول أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، مما سمح لكثير من البنوك أن تجذب مستثمرين أجانب أكثر، وفي نفس الوقت خفت القيود على إنشاء فروع لبنوك أجنبية.



4- جاذبية أسواق شرق آسيا للاستثمارات العالمية مثل هونج كونج، وتايوان وسنغافورة وكوريا الجنوبية.



وإنشاء الشركات والمصانع في دول أخرى لا يعني الاعتماد على عمالة محلية من أبناء هذه الدول، بل سيحوي مديرين وعاملين من جنسيات متعددة، أو لنقل من ثقافات متعددة. كما ستتعامل الدول مع أسواق متعددة تتزايد فيها حدة المنافسة. فهل يمكن للمدير العربي أن يتعامل بأسلوب موحد مع هذه الاختلافات؟ بالطبع فإن غير ممكن، بل يتطلب الأمر فهماً لها وإحساساً بها، وإعداداً للتعامل مع أبعاد متعددة للعولمة معظمها أبعاد ثقافية لتعدد جنسيات العاملين وأخرى تسويقية.



سيتعامل المدير مع نسب متزايدة من العاملين متعددي الجنسيات والخلفيات العرقية والثقافية. لا ننسي أن كثيراً من المديرين في الخليج يتعاملون فعلاً مع عاملين من جنسيات متعددة؟ وسيكون هذا حال معظم المديرين العرب مع تنامي ظاهرة العولمة. ولن يقتصر الأمر فقط على قدوم أو استخدام الأجانب كعمال وموظفين. بل كمديرين أيضاً. كذلك ستتزايد دواعي قدوم أو استخدام العاملين والمديرين الأجانب وأهمها:



1- القصور النسبي في المعروض من تخصصات فنية/ أو إدارية في بعض أسواق العمل العربية.

2- تضامن افتتاح العديد من فروع منظمات أجنبية وعالمية متعددة الجنسية بالدول العربية. سواء كان ذلك في شكل مصانع أو منافذ توزيع سيعمل بها مديرون وعاملون من جنسيات متعددة.

3- تزايد عدد المشروعات المشتركة في الدول العربية، وحيث يتكون المشروع المشترك من تكامل موارد مالية ومادية وفنية وبشرية يقدمها طرفان أو أكثر.



ومع تحول العالم لسوق أو قرية واحدة تعاظمت حركة النقل. ليس فقط نقل البضائع بل نقل الركاب كرجال الأعمال والعاملين والسائحين، وتزايدت حاجة شركات النقل الجوي لموظفين وموظفات يجيدون لغات متعددة. بل أن بعض هذه الشركات عمدت – ساعية للتميز في الخدمة – لتوظيف مضيفين جويين من جنسيات متعددة مثل شركة طيران الإمارات التي يربو عدد جنسيات موظفيها على 55 جنسية. لضمان وجود طاقم يتحدث أفراده ست لغات على الأقل لكل رحلة لتلبية متطلبات المسافرين على خطوط تغطي دولاً كثيرة.


[1] - احمد سيد مصطفي: مرجع سابق، ص ص 31-34.