حُ رُوفُ الْـآبْدَآع .: مؤسسة المنتدى :.
♥|رٌقمـ آلعُضْوٍيةٌ : 1 ♥|آلجْنِسُ : ♥|عًدد مشآاركتي: : 6872 ♥|آلنِقًـــآطُ : 1474898 ♥|آلسُمْـعَةً : 37 ♥|تاريخْ ميلادىْ’," : 03/03/1997 ♥|تآاريخـِـِ التسَجيلـِـِ: : 25/05/2010 ♥|المزاآجـِـِ : hmd ♥|العَمٍر : 27 ♥|آلمٍوقعـِـِ: : هنا
| موضوع: قراءة في الشعر الملحون في الجزائر الثلاثاء يناير 18, 2011 7:05 am | |
| قراءة في الشعر الملحون في الجزائر
لم تصرف البداوة بشظف عيشها , كما لم تصرف الحضارة بترفها و نعومة حياتها العربي من أن يكون شاعرا , بل ان الشعر كان ولا يزال سمته التي يعرف بها , وبابه الذي يطرق , فالشعر و الإنسان العربي توأمة خلقها الله لا يمكن فيها فصل طرف عن طرف , فهي حكاية عشق قديمة مازالت تتحدى الزمن , وتقف في وجه المتغربين الذين يحاولون تشويه هذه العلاقة , ويوارون نارها المتأججة التي يظهر العربي في أنوارها إنسانا مكتمل الإنسانية مشحوذا برقة الحس و نبل الطوية , و الأكثر من ذلك بلوغ الشعر عند العرب درجة القدسية , فهم المفاخرون و المتباهون إذا نبغ فيهم الشاعر , لم يخضعوا في تاريخهم إلا لهذا السلطان , سلطان اللسان الذي تزينه قلائد الشعر .
حتى وإن كرت الأيام على هذا اللسان فتداعت مملكته و هربت منه فصحاه أو هرب منها , وانغمس في لهجات متعددة و مختلفة إلا أن إحساس العربي بالشعر لم يتأثر يوما ولم تدنسه الآفات , ولم تطمس معالمه الراسخة نوائب التردي و التخلف , فولد من رحم هذا الإحساس لسان أخر و كلمات أخرى , تحاول أن تثبت الحقيقة الخالدة و عمق الارتباط الأبدي الذي يجمع النفس العربية و الشعر , فأزهرت القرائح رياضا من الشعر الملحون أو ما يعرف بالشعر الشعبي .
لقد بات هذا نوع من الشعر ثروة أخرى تضاف لرصيد الأمة ,وعنوانا أخر لها ,ومعلما من معالم عراقتها في البيان و الجمال و الحق , إن هذا اللون من الشعر تعبير صادق بسيط ,وإعلان صارخ لخلجات الأفئدة و الضمائر , وهو عروس العامية و قربانها الأثير الذي تقدمه مزهوة غير خجلة في معابد الشعر , تتسامق لتناطح الفصحى كتفا لكتف , ورأسا لرأس , لما يحمله هذا الوليد الرشيد من معان تعرج بكلماتها البسيطة إلى سموات الإبداع ومنتهاه كلما ارتقت فكت عنها قيد الحرف و انطلقت ساربة كطير من أطيان الجنان , ويبقى المعنى الجميل قي ا إسراء أبدي من نفس إلى نفس .
فهو ألذ صورة لما يجمع الناس من روابط مختلفة , وعدسة لاقطة لحركة العقل و القلب , ولا أتحرج إذا قلت أن هذا الشعر في حقيقته و جوهره إنما هو بحث عن الذات العربية , با هو طوق النجاة و حبل الأمان تعتصم به القريحة العربية حتى لا تهلك في مصارع التغريب مسلطة عليها .
و جزائرنا الحبيبة لها أبناء حملوا لواء هذا النوع من الشعر , وتصدوا به يتسابقون بإبداعاتهم و ينثرون قصائدهم التي حيكت من ماء النفوس الطيبة الصادقة لتبقى لصيقة الفكر و الوجدان تعاند الزمن المهلك في كبرياء , ومن يماري في هذا و يدعي غير ما نقول فخليق به أن يعود إلى أبائنا و أمهاتنا, يقلب أوراق أيامهم ,ويستحث ذكرياتهم ليتأكد أن الشعر الملحون له تاريخ عريض ووجود عريق , ويكفي هذا الشعر فضلا أنه شارك في حربنا التحريرية ضد فرنسا , فألهب النفوس حماسة و أشعل الضمائر غيرة , ونفخ في جذوة الوطنية و الدين , وغلف السواعد القابضة على السلاح يحفظها ويدفعها إلى ساحات الوغى , ويكفيه فضلا أن شارك في تدوين تاريخ هذا البلد الحبيب , وترك لنا ما يشبه المتحف إلا أن قطعه الأثرية قصائد نرى فيها ماضي ما ادر كناه .
وولاية الجلفة و ما جاورها واحدة من المتاحف المنشورة على رقعة هذا الوطن الغالي , فهي أكثر المناطق احتضانا لهذا اللون و أكثرها اهتماما ورعاية به , لأن أهل هذه المنطقة مازالوا قريبي عهد بالبداوة و طباعها , وليس لنا فسحة كافية الآن للكلام عن شعرائها جميعا , لكن ليكن حديثنا عن واحد من هذه القافلة الرائعة و ليكن الشاعر << سعد لطرشي>>.
هو شاعر من مواليد 1955 شاءت له الدنيا أن لا يرى نورها إلا بعيدا عن القرابة و الأهل , فطوحت به إلى شرق البلاد و بالضبط إلى مدينة الجسور المعلقة <<قسنطينة>> فكانت له فألا فمن يولد في مدينة كتلك لا بد أن يستنشق أريج العلم و عبق التاريخ , فتعلق النفس بالحقيقة تستولد الكلمة الجميلة وتنحت معان لها جلال الإبداع الأصيل.
ولكن وكأي طير مهاجر , وكأي عاشق تغرب عن الحبيب لا بد أن تهفو نفسه و تتدافع أشواقه إلى أرض حملت على تربتها الندية تاريخه فجاور قريته <<أسليم >> تلك القرية المستكينة الغارقة في نفسها , وقد توسطت عروسين من عرائس قبائل أولاد نائل العربية < الجلفة و بوسعادة > , يراقب قريته من بعيد يحرسها بعينه الحانية .
على أسليم أنايا نغني و نعاود *** القلاح متان وربي شــاهد
ما نقدر فرقة ما روح أنبعد *** نسكن غير احذاه في عوينة معبد
لخبار اتجيني انزورو يوم الحد *** ولانهار العيد عشوراء ومولد
وأن كانت النفوس بطبعها عاشقة و محبة للجمال ,فإن نفس الشاعر أكثر تطرفا في هذا , إن لم تكن نفسه ذاتها حبا و جمالا , وما اقسي أن يبتلى شريف النفس , متحفز الوجدان , بجمرات الحب فتعيش بحرها بين طيات خلجاته , والأقسى أن يرى حبه يغتال أمام عينيه , فأين يلجأ ؟ لا ملجأ لديه اليوم إلا في شعره ...يحاول أن يطبب جرحه فلا عزاء للشاعر إلا في شعره , وأية حبيبة أقرب إلى القلب و ألصق بالمهجة من التي تكون تاريخا لعمرك تكبر مع أيامك يوما بيوم
حيزية من الصغر أسمات عليا *** ولما تجي لينا يقولو مرت فلان
فيسع كبرت و زيانت صبحت بيه *** سبحانه ملاسها عظيم الشــأن
ولشاعرنا في هذه القصيدة أبيات لها بريق كبريق عين المحب التي تطل منها الروح في أصلها النوراني تريد أن تلف الحبيب شوقا
سحرتني و دات عقلي لبنيـــة *** و حنانة من حبها زايد نشيــان
مثلتها للشمس كي طلت فيـــا *** ولاحت عني نورها وضوى لمكان
خنفست أنايا وغمضت عينيــا *** حتى راح شعاعها و الحال أد كان
ولكن ....قدر شاعرنا في حبه أن لا يلتقي بمحبوبته و كذا قدر كل محب أخلص , وكل عاشق وفي ...قدره أن تتحول قصته إلى جري وراء أمل موعود لم تحققه هذه الدنيا .
و كأني ألمس النفس العربية الكريمة و هي تعتذر عن نفسها لرتعها في حمى الحرمات , ولكن لا سبيل لكف جماحها , وهي نفس قوامها الشعر , فما بالك إن كانت نفس عاشقة محبة .
نستسمح من زوجها وحتى هي *** واللي قلت أنا تعبير الوجدان
ويا لها من خاتمة تهيأت لشاعرنا فنفى عن محبوبته الخطيئة وجللها بتاج العفة و الصون عسى أن تكون له في غير هذه الدنيا .
يسألني بالله لا خنتو نايــا *** و نحلف حتى عليها هي ثــــان
لا بد من الممات وفراق الدنيا *** ونتلاقى في الدايمة عند الرحمــان
ترجع أحبيبتي أنايا ليــــــا *** نتنعم أنا وياها في الجنـــــان
رغم أن الهم سوسة تنخر القلب , وثقل يرهق النفس و الكاهل , فلا يدع من تمكن منه يسكن لراحة أو ينعم بعيش , إلا أن أجمل القلوب تلك التي اتخذت عهدا على نفسها أن تعيش بين الناس تحمل عنهم همهم , وتؤنسهم في وحشتهم , فتكون لسانا ناطقا بحالهم بدلا عن الألسنة أقعدها الخوف و التردد عن وصف أمرها
الفقير ذليل يدو فرغانة *** و كثير من الناس قوتو حاير فيه
ياربي وعلاه هكذا تنسانة ***و الفقر إذا طال يهلك مواليـــه
يمرمدهم يشبعوا هانـة *** وينساو حتى عبادتك بسيبيـه
و إن كنا لا نوافق الشاعر على معنى البيت , ونقول أن الله لا يجوز عليه النسيان , وتطلب منه حسن الظن بالله , إلا أننا نلتمس له العذر فلنفس المضامة الشاكية شطحات تخرجها عن حدود المقبول .
و إن كان الشاعر لسانا للفقير فهو أيضا لسان لا يهادن من عبد السلطة وأعماه بريق الدرهم و الدينار حتى نسى نفسه و الذين من حوله
و اليوم أترفه قاع و أنسانا *** و حسب دزاير تركة أبيــه
أعبد السلطة وأنساك وأنسانا *** حتى إطارتنا راهم عشقوا فيه
الأكيد أننا ما وفينا الشعر الملحون حقه , فهو بحر لا ساحل له ,وبداية لا نهاية لها , مادامت هناك نفس عربية نابضة كنفس شاعرنا << سعد>> الذي نوقن تمام اليقين أن ما سطرناه عنه لمسة خفيفة لم نستقص بها كامل الموجود , فنحن نعلم أنه نبع متجدد و عين نضاخة ولكن حسبنا الإضاءة السريعة المتواضعة التي تؤكد أن للملحون أصلا فينا يجب أن نأخذه بالدرس و الرعاية ففيه الخير الكثير . | |
|
حُ رُوفُ الْـآبْدَآع .: مؤسسة المنتدى :.
♥|رٌقمـ آلعُضْوٍيةٌ : 1 ♥|آلجْنِسُ : ♥|عًدد مشآاركتي: : 6872 ♥|آلنِقًـــآطُ : 1474898 ♥|آلسُمْـعَةً : 37 ♥|تاريخْ ميلادىْ’," : 03/03/1997 ♥|تآاريخـِـِ التسَجيلـِـِ: : 25/05/2010 ♥|المزاآجـِـِ : hmd ♥|العَمٍر : 27 ♥|آلمٍوقعـِـِ: : هنا
| موضوع: رد: قراءة في الشعر الملحون في الجزائر الجمعة يناير 06, 2012 10:44 am | |
| | |
|