لوحة عشق إلى وطني ... بـقـلـمـي

إليك يا وطني الحبيب
ــــــــ
ذكرتك والتذكار في الهجر ما وفّى
وأذرفت دمع الشوق فيه وما كفى
عراق الأماني كيف أنت وقد نأت
لياليك عن قلبي فوالله لن أُشفى
فقد شيد الترحال منفى بمهجتي
وشيدت من بلوى التنائي كذا منفى
وإني سفين دونما سندباده
يضل وما كالسندباد له أكفى
حنانيك لا أقوى على الهجر مثقلاً
بأعباء أعوام شكوتُ بها الحيفا
توهمتها سبعين لا سبعة فبي
من الشجن المكبوت ما شفَّني شفا
أبيت كما المسحور يمضغ ليله
سهاداً سخي الدمع يهفو به الطيفا
ألملم في سهدي البقايا لأنني
يولد شوقي فوق محبرتي عصفا
وكفنت أفراحاً توقع موعداً
مع الحب حتى قيل صاحبنا زيفا
تقلبني الذكرى على جمراتها
كمن قد تشظى الشجو في قلبه ضُعفا
أأبتر من قلبي وصالي لأنني
رأيت قلوب الناس في صدها تشفى ؟
وماذا إذا كان الوصال ارتعاشة
تود صراخ الهجر في مهجتي اللهفى ؟
عراق وفي قلبي هواك وإنني
أضم له عمري وأنشدك اللطفا
فما بين صبري واحتشاد تشوقي
سأغتال صمتاً للجوانح قد خفّا
وإني أخٌ للدمع إن هاج خاطرٌ
وصنو وفاءٍ لا أودُّ له كشفا
فما دمعتي من دمعة الخنس أرخص
ولا ذكرها صخراً كتذكاري الأوفى
حنين عراقي تلبس مهجتي
وأودع فيها من تلبسه ضِعفا
وأرهفت سمع الشوق نحوك إنما
لتهدي إلى أُذنيَّ من همسك العطفا
تخذت حناياك الضلوع وليتني
تخذت بها كأس الحياة بها صرفا
وكعبة عشق من هواك وقِبلةً
يصلي لها قلبي صلاة الهوى الأصفى
ومرغت حرفي في جراحك علّه
إذا لم أجد للبوح في محبري إلفا
يساقط حزناً عاش فيك بمهجتي
وأبقى برغم الشجو أجترع الحتفا
فهل فزَّ في شطيك شوقٌ لعاشق
أم الموج في الشطين للشوق قد أخفى
عراق أيا حقلاً فسيحاً وحوله
تظل قوافي الشعر للمنحنى عزفا
أناظر في ذكراك ذاتي لأنني
تلاشيت في منفاي ذاتاً , لكي أشفى
سلامٌ بما قد أسبل الشوق مثقلٌ
على الجرف والشطين والعشق والزلفى
ودجلة إذ تشدو بشعر موله
فيسحر دنياه بإيقاع ما قفّى
وأما الفرات العذب يروي بموجه
حكايا الهوى ما أطيب الماء ما أصفى
عراق وما أحلاك بيت قصيدة
وفجر مواويل يطول وما أصفى
أرى البدر إن يغشاك تهديه بسمة
وتلقي تعاويذاً تقي قرصه الخسفا
أحييك عن بعد وملء جوانحي حنين بما قد لا أحدّ له وصفا
عراق إبائي واحتشاد براءتي
هيامي جنوني وانتماءٌ له مُوْفى
سأحزم أشجاني وألقاك عائداً
وأمتعتي شوقي كذا عهديَ الأوفى
وآتيك محمولاً على غيم خيبتي
أجر به أعوام شوق من المنفى
سآتيك معصوب الجبين وحينها
سأنسف سر العشق من خاطري نسفا
وأشكو إلى شط الفرات ودجلة
تعطش روحي للورود وللزلفى
فهلِّلْ وقُمْ واكتبْ بخط الهوى على
عصابة رأسي: عاشقٌ ولقد وفَّى
وخذني عبيراً أو سلاماً مخلداً
وفجر ابتهالات سخي الرؤى عفا
وسل أدمعي واستخبر الشعر عن دمي
وغص بفؤادي وانزع الحزن كي أُشفى
وخذني كما قد شئتَ لا ما أنا أشا
فقد نال قلبي من حنانيك ما كفى
فأنتَ وإنا والغرام توائمٌ
وما توأم إلاّ لتوأمه أوفى
وكن مثلما كنَّا مروج أزاهر
توشح بالأفراح في الأنفس اللهفى
وصغ من قوافينا مناجاة عاشق
ليقرأها من خان عهداً ومن وفى
تمنيت لو روحي تُباع لبعتها
على حدثان الدهر إن ضامك الأجفى
وأسديتها لو أن حزنك يشترى
ولكنها مما لا يباع ولا يُهفى
متى يا متى ألقى عراقي مرنِّمَاً
وأضرب فيه العود والناي والدفا